منوعات
آخر تحديث بتاريخ: 3 سنوات

لماذا كل الطرق تؤدي إلى روما ؟

كثيراً مل سمعت مقولة كل الطرق تؤدي إلى روما هل تساءلت عن معناها لنتعرف عليه في المقال التالي؟

كانت روما في الماضي أهم عاصمة في العالم فكانت تسيطر على جنوب غرب أوروبا وجنوب شرق أوروبا والبلقان وحوض البحر الأبيض المتوسط عن طريق غزو المدن وضمها.

كانت روما في عصر الإمبراطورية القديمة تعرف بمثلث الحياة بأكملها .وإنبثقت الحضارة الرومانية على طول سواحل البحر المتوسط من مجتمع زراعي صغير في شبه الجزيرة الإيطالية في بداية القرن العشرين قبل الميلاد وأصبحت من أكبر إمبراطوريات العالم القديم.

كل الطرق تؤدي إلى روما

وحدثت الكثير من التحولات الكبيرة في إمبراطورية روما ففي البداية كانت تخضع للحكم الملكي ثم تحولت إلى حكم الأقلية الجمهورية وبعد ذلك تحولت إمبراطورية إستبدادية. ف لماذا كانت كل الطرق تؤدي إلى روما ؟

اقرأ أيضاً : جزيرة الكريسماس أو جزيرة عيد الميلاد أين تقع و لماذا سميت بهذا الاسم الغريب

سر مقولة ” كل الطرق تؤدي إلى روما “

كان الرومان من أكثر الشعوب القديمة تقدماً في مجال إنشاء الطرق البرية وتقنية بناء الجسور والعبّارات عليها وقد وصلت شبكات الطرق البرية لديهم أكبر اتساع لها في القرن الثاني الميلادي حيث غطت معظم مدن الإمبراطورية الرومانية حتى قيل بأنّ الحضارة الرومانية تنتقل من خلال طرقها بسبب كثرتها وطولها.

يعتبر الرومان أول من بنوا الطرق المرصوفة السريعة والجيدة وفي سورية بنوا شبكة واسعة من هذه الطرق وذلك للأغراض التجارية والعسكرية منها الطرق الرئيسية المعبّدة والترابية المحسّنة كما أقاموا أبراجاً للحراسة بجانب تلك الطرق وفي أماكن مرتفعة لمراقبتها وحماية القوافل التجارية المارة عليها وبالقرب من مصادره المياه والإمدادات التموينية العسكرية حيث كانت المياه تُوفَّر لتلك الأبراج من الأنهر القريبة والآبار والأحواض والصهاريج أو تُجَّر بواسطة قساطل من أماكن بعيدة

كانت “إنطاكية” عاصمة الولاية الرومانية الشرقية وكانت صلاتها مع الشرق تتم عبر طريقين رئيسيين أحدهما عبر منطقة باب الهوى متجهاً شرقاً نحو حلب (قنسرين) والثاني عبر سهل جومة ويُستخدم للاتصال بين إنطاكية ومدن أواسط الأناضول. في الفترة الرومانية في شمال سورية أهم طريقين كان الأول طريق إنطاكية –حلب (قنسرين) والثاني كان يربط سيروس (قلعة النبي هوري حالياً) بمدينة أفاميا

لم تنقل الطرق الرومانية البضائع والجنود فحسب. فقد استُخدمت هذه الطرق كوسيلة «لنقل الأفكار، التأثيرات الفنية، والعقائد الفلسفية والدينية»، بما فيها العقيدة المسيحية، حسبما يوضح الاختصاصي في دراسة النقوش، رومولو أ. ستاتشولي.

في الماضي، اعتُبرت الطرق الرومانية روائع هندسية. فقد بنى الرومان على مرّ القرون شبكة طرق حسنة التنظيم بلغ طولها في نهاية المطاف أكثر من 000,80 كيلومتر وشملت منطقة تمتد اليوم في أكثر من 30 بلدا.

كان الطريق الابياوي أول طريق عام مهم بناه الرومان. وقد ربط هذا الطريق الذي دُعي «أم الطرق» روما ببرنديزيوم (برنديزي اليوم)، وهي مرفأ اعتُبر بوابة الشرق. سُمِّي هذا الطريق باسم أبيُس كلوديوس سايكُس، الرسمي الروماني الذي أبدأه حوالي سنة 312 ق‌م. بالإضافة إلى ذلك، تفرَّع من روما أيضا طريقَا سالاريا وفلامينيا اللذان اتجها شرقا نحو البحر الأدرياتيكي، وبذلك سهَّلا بلوغ منطقة البلقان فضلا عن منطقتَي الراين والدانوب. أما طريق أُريليا فقد امتد شمالا نحو بلاد الغال وشبه الجزيرة الإيبيرية، في حين ربط طريق أوستيا روما بمدينة أوستيا، التي اعتبرها الرومان أفضل مرفإ للإبحار إلى أفريقيا ومنها.

لعبت الطرق دورا مهما في حياة الرومان حتى قبل أن يبدؤوا هم أنفسهم بشق الطرق. فقد نشأت عاصمتهم حيث التقت الطرق القديمة عند المخاضة الوحيدة على المجرى الأدنى لنهر التيبر.

وتخبر المراجع القديمة أن الرومان بدأوا بتقليد القرطاجيِّين، ساعين إلى تحسين الطرق القديمة التي بُنيت قبل ظهورهم. ولكن يُرجَّح أن الرومان تعلَّموا شق الطرق في الواقع من الاتروسكيين. ولا يزال بالإمكان رؤية آثار الطرق التي شقها هؤلاء حتى في يومنا هذا. علاوة على ذلك، كانت هذه المنطقة تضم قبل ظهور الرومان العديد من الدروب المستعمَلة بكثرة. وربما استُخدمت هذه الدروب لنقل المواشي من مرعى إلى آخر. غير أن السفر على الطرق القديمة كان صعبا، إذ أنها كانت مغبرة صيفا وموحلة شتاء. وفوق هذه الطرق بنى الرومان طرقهم.

كل الطرق تؤدي إلى روما

صُمِّمت الطرق الرومانية بإتقان وبُنيت لتكون عملية، جميلة، وتدوم طويلا. وكان الطريق الروماني عادة يربط بين نقطتين عبر أقصر مسار ممكن، مما يفسِّر لماذا امتدت أجزاء كبيرة من الطرق الرومانية في خطوط مستقيمة. ولكن وجب في العديد من الأحيان أن يتبع الطريق تضاريس المنطقة التي يمر فيها. ففي المناطق التي تكثر فيها الجبال والهضاب، اختار المهندسون الرومان حيثما أمكن الجانب المشمس من الجبل وشقّوا الطريق عند منتصف المنحدرات. وكان هذا الأسلوب يخفف من مشقات السفر التي يسببها الطقس العاطل.

تعدَّدت الأساليب التي اتبعوها، لكنّ المبدأ الأساسي كان واحدا كما أظهرت الحفريات الأثرية فقد حددوا أولا مسار الطريق، وهذه كانت مهمة المسّاحين. بعد ذلك قام الجنود، العمال، أو العبيد بعمل شق الطريق المضنى. فكانوا يحفرون خندقَين متوازيين تفصلهما مسافة لا تقل عن 5,2 متر تقريبا. وقد وصلت هذه المسافة في الغالب إلى 4 أمتار واتّسعت أكثر عند المنعطفات.

في بعض الأحيان، بلغ عرض الطريق عند انتهاء العمل 10 أمتار، بما فيها الممرّان المخصصان للمشاة على الجانبَين. بعد ذلك، كان التراب بين الخندقَين يُزال إلى أن يصل الحفارون إلى قاعدة صلبة. ثم يملؤون الحفرة بين الخندقَين بثلاث أو أربع طبقات من مواد مختلفة. فيضعون أولا طبقة من الحجارة الكبيرة أو الدبش يضيفون فوقها الحصى أو الحجارة المسطحة المثبَّتة معا بالإسمنت. وأخيرا كانوا يضعون طبقة من الحصى أو قطع الحجارة ويرصّونها.

اقرأ أيضاً : جبل فوجي …. أكثر معالم اليابان شهرة

تألَّف سطح بعض الطرق الرومانية من الحصى المرصوص فقط. لكنّ ما أثار إعجاب القدماء هو الطرق الرومانية المرصوفة بالحجارة. فقد كان سطح هذه الطرق عبارة عن حجارة مسطحة كبيرة أُخذت عادة من الصخور المحلية. وجعل الرومان هذه الطرق محدودبة قليلا عند الوسط، مما سهّل جريان مياه الأمطار من وسط الطريق إلى القناة المحاذية لكل جانب. فساهم أسلوب البناء هذا في دوام الطرق وبقاء بعضها إلى يومنا هذا.

إن أحد الأساليب المهمة التي اعتمدها الرومان كان بناء الجسور التي لا يزال بعضها قائما إلى اليوم. وهو يقف شاهدا على البراعة التقنية الفائقة عند الرومان القدماء. صحيح إن الرومان اشتهروا ببناء الجسور أكثر منه بشق الإنفاق، لكنّ شق الإنفاق تطلب منهم براعة لا يُستهان بها بالنظر إلى الوسائل المتاحة أمامهم في ذلك الزمن. يقال في أحد المراجع: «توصّل المهندسون الرومان إلى انجازات كُتب لها أن تبقى بلا نظير طوال قرون».

وأحد الأمثلة على ذلك هو نفق ممر فورلو الجبلي على طريق فلامينيا. فبعد أن وضع المهندسون تصاميم دقيقة، شُقّ سنة 78 ب‌م نفق في الصخر طوله 40 مترا، عرضه 5 أمتار، وارتفاعه 5 أمتار. وكان هذا انجازا باهرا بالنظر إلى المعدّات المتوفرة في ذلك الزمن. حقا، إن بناء شبكة الطرق هذه هو أحد الإنجازات العظيمة التي ابتدعتها البشرية.

و مما سبق نعرف السر وراء مقولة ” كل الطرق تؤدي إلى روما ” حيث أن إمتداد الإمبراطورية الرومانية القديمة و اتساعها من الشرق إلى الغرب جعل الرومان يبتكرون أساليب متطورة بالنسبة لزمانهم لربط هذه الإمبراطورية الشاسعة المساحة ببعضها البعض بشبكة طرق عظيمة ما زالت بعض آثارها موجودة إلى يومنا هذا لتشهد على عظمة حضارتهم و براعة تقنية البناء في عصرهم بالرغم من محدودية الإمكانيات مقارنة ب عصرنا الحالي ف بالنهاية كانت كل الطرق تؤدي إلى روما فعلا.

All Roads Do Lead to Rome