الدراسة في الخارج و سلبياتها .. أهم التحديات التي ستواجهك استعد لها .. الكثير يطمح للدّراسة في الخارج بعد الثّانوية، و الكثير يبحث عن أهمّ المنح الواعدة التي يمكن أن تجلب الاهتمام أثناء التحضير الحثيث للسفر وبدء المسيرة العلمية خارج البلاد سواء بعد الثّانوية أو حتى بعد نيل شهادة البكالوريوس.
اقرأ أيضاً : الدراسة في كندا .. و ترتيب أفضل جامعات كندا ..
مزاجٌ حماسيّ ورائع أليس كذلك؟ ومع ذلك، فمن أجل نظرة أشمل وأكثر نضجًا للسّبيل التي ستختارها لمستقبلك، جاء هذا المقال عن سلبيات الدراسة في الخارج وأهمّ التحديات التي ستواجهك منذ بداية الرّحلة إلى غاية الانطلاق في التحصيل العلميّ هناك في الغربة.
احرص على قراءة المقال كاملًا وتدوين ما تراه مهمّا بالنسبة لك ولشروطك وإمكانياتك، وفي نهاية المقال سنوفّر لك منهجية بسيطة تساعدك على حسن الاختيار وأخذ القرار الأصحّ..
في مقالنا السّابق عن أهمية الدراسة في الخارج، طرحنا الكثير من العوامل التي تجعل من هذه التجربة الغنية خيارًا مناسب للكثير من الطّلبة، وذلك من وجهة نظر أكاديميّة، اجتماعيّة، شخصيّة، والأهمّ من جانب المسيرة الوظيفيّة المستقبلية التي يمكن أن تسطّرها لك تجربة السّفر والانغماس في أوساط أكاديمية وثقافية مختلفة أكثر تطوّرا وغنًى في معظم الأحيان.. كما أن المقارنة بين الدراسة في الخارج والداخل سمحت لنا بالحصول على مجال أوسع لملاحظات الفروقات والمنافع التي ينبغي استغلالها والاستفادة منها لأقصى حدّ.
ولكن كما يقال أن لكلّ شيء جانبين يتكاملان، وأن الحكمة الإنسانية تكمن في القدرة على تغليب الجانب الإيجابيّ.. فإنّ معرفة الجانب السّلبي سوف يساعد في كشفه ومحاولة تقليل أضراره بقدر الإمكان.
حسنًا لنر، ما الذي سيتحدّانا..
سنسلّط الضوء في الأسطر التالية على ابرز 10 تحديات يمكن أن نعتبرها من ابرز عيوب الدراسة في الخارج قد تواجهها خلال تقديمك وبعد وصولك إلى وجهتك الدراسية، لذا عليك الانتباه لها جيدًا :
وكما ذكرنا في أحد مقالاتنا السابقة، فإن ارتفاع التكاليف في حالة الدراسة في الخارج -حتى في حالة الحصول على منحة مموّلة بالكامل- راجعٌ إلى تكاليف تحضير اختبارات اللغة والكفاءات وكذا طلب وترجمة الوثائق الرّسمية. وهذا ما يجعل الأمر أكثر سلبيّة.. خاصة إذا كان خيار الدراسة المحلّية المجّانية أكثر إغراءً لعائلتك. نصيحتنا هنا: حاول أن تتدبّر هذه المصاريف مسبقًا بشكلٍ تدريجيّ ومستقلّ عن عائلتك لتعطي الانطباع المرغوب فيه عن قدرتك على تحمل المسؤولية.
وهنا ستكون النّصيحة السابقة فعّالة بالقدر نفسه.. فمتى ما حاولت استخراج وثائقك واجتياز اختبارات اللغة في وقتٍ أبكر، سيخفّف ذلك من الضغط الكبير عليك حين تبدأ الجامعات بفتح برامج المنح والدعم الماليّ.. وسيمنحك رؤية أوضح إذ تكون قد تخلّصت من خطوة كبيرة تعيق الكثير من المترشّحين وتربكهم.
في نفس الوقت، انتبه إلى أن هذا الوقت الكافي لا يتجاوز تاريخ صلاحية الوثائق وشهادات الاختبار.. وأن وثائقك ستبقى صالحة للاستعمال إلى غاية تاريخ التقديم على المنحة.
وأمّا في فترة أكثر تقدما، بعد السّفر وبداية الاستقرار في البلد الجديد.. قد تبدأ ملاحظاتك حول أسلوب الحياة والتفاعل الاجتماعيّ تشعرك بنوعٍ من الانزعاج.. وهذا مألوف تماما وطبيعي، ففي نهاية المطاف الإنسان عدوّ ما يجهله. كما يمكن أن تبدأ بالمقارنة بين ما ألفته طوال سنواتك الماضية في بلدك الأم ورفض التأقلم مع الواقع الجديد الذي لا يروقك بالضّرورة.
من أجل ذلك، فإن هذه نقطة هامة قد تكون مصيريّة بالنسبة للكثيرين.. يمكنك تجاوز الأمر بالتحضير المسبق ومحاولة اكتشاف أنماط الحياة السائدة قبل انتقالك وسفرك مع القليل من الصّبر؛ كما أن معرفتك باحتمال حصول هذا يقلّل من خطورة الصّدمة وتأثيرها عليك على المدى البعيد.
وهذا شبيه جدّا بما مضى، وهو من أهم سلبيات الدراسة في الخارج.. فاللّغة ركيزة أساسية للثقافة المحليّة البلد، ومعاناتك مع الصّدمات الثقافية قد يكون سببه أساسًا ضعفٌ في اللغة. وقد يكون هذا خبرٌ سارّ في الواقع.. فتحسين مستواك اللغة بينما أنت منغمس في بيئة خصبةٍ تتحدّث هذه اللغة حصريّا سيكون أيسر بكثير مما تتوقّع، والتزامك ببعض العمل الجادّ سيوفّر عليك هذه المشاعر السلبية وسيحوّل التحدّي إلى مكسبٍ.. وهذا ما نطمح إليه في نهاية الأمر.
رغم كلّ ما وصلت إليه الإنسانيّة علمياً وتقنياُ من تطوّرات تذهل الفكر.. إلّا أن هذه الآفات الفكريّة والمجتمعيّة لازالت تنخر جسدها وتدمّر أخلاقها. قد يكون من القاسي للغاية أن يخبرك أحدهم أنه يمكن أن تتعرّض للتنمّر أو التمييز بسبب عرقك أو لون بشرتك أو شكل شعرك أو حتى طريقة لباسك الهوياتية في هذا البلد الذي يعدك بمسيرة أكاديمية غنيّة.. لكن لا مفرّ من الأمر، عليك أن تضع هذا في الحسبان، وخاصة إذا كانت قوانين البلد تدعم مثل هذه التصرفات ولو بشكلٍ خفيّ ومتوارٍ.
اعرف حقوقك وواجباتك القانونية بشكلٍ كافٍ يضمن لك الأمن العامّ في البلد، وتحلّ بثقة كبيرة بنفسك، وبما تحمله من قيم قوميّة ودينيّة دون أن ينقلب ذلك إلى تعصّب مضادّ.
لعلّه لم يكن متاحًا لك، حين كنت تقيم مع عائلتك، أن تلاحظ كمية المسؤوليات التي تنشأ عن استقلال الفرد وبداية سعيه نحو مستقبله الخاص المنفصل عن والديه.. لذلك ستكون تجربة السفر إلى الخارج ميدانا واسعًا لاختبار ذلك.
لن يكون من الدّقة اعتبار ذلك من سلبيات الدراسة في الخارج، بقدر ما هي فرصة لا تعوّض لبداية إثبات نفسك والانطلاق لتحقيق الإنجازات.. سيستلزم الأمر منك بعض التنظيم الجادّ والاطلاع على مبادئ إدارة الوقت والمهامّ، لتتمكّن من تجاوز هذا التّحدي.
اقرأ أيضاً : تعرف على أفضل منح مجانية لدراسة الطب 2020-2021 .. منح الطب البشري
أما بالنسبة لهذه السلبية السّابعة، فهي لا تقتصر على السفر والاغتراب فحسب.. وإنما للأمر علاقة بالمرحلة العمريّة نفسها وبما اعتاد المجتمع -على المستوى الضّيق والواسع- انتظاره من الطّلبة الشّباب الذين يحملون أحلاما كبيرة أثناء انتقالهم إلى فترة الدراسات الجامعية والعليا.. لا داعي للقلق بخصوص ما يتوقعه المجتمع، وعليك أن تحرص ألا تنتقل هذه التوقعات المثالية جدّا والموهومة إليك لتجبرك على إلزام نفسك ما لا تستطيعه.
تفاعل مع مجتمعك بطريقة صحّية وقدّم له ما تستطيع، في نفس الوقت الذي تحتفظ فيه بوعيك بإمكانياتك وحدودك البشريّة.
ولعل من ابرز سلبيات الدراسة في الخارج وهو التأقلم الاجتماعي والنّفسي، وقد يكون هذا نتيجة مباشرة لعدم التزامك بالنصيحة السّابقة، وهي أن تعي أنك لست مثاليّا وأن الأمور قد تكون سيئة للغاية في أوائل أيام الغربة.. توقّع هذا وتقبّله، ثمّ انظر بتفاؤل لما ينتظرك من تجارب أكاديميّة مثيرة وواعدة، وكذا للقاءات المحتملة والإضافات الغنية التي ستحصل عليها بعد مرور بعض الوقت الكافي. امنح لنفسك المهلة الضرورية.. واستعن بمحيط داعمٍ ومتفهّم.
ومع ذلك، ففي مرحلة ما سيتطلّب وضعك المتفاقم مساعدة مختصّة.. ابحث عن هذه المساعدة ضمن محيط الجامعة نفسه، إذ أن أغلب الجامعات تجعل من الوصول إلى مثل هذه المراكز الاستشارية للطّلاب أسهل وأقلّ تكلفة.
كما ذكرنا بالضّبط في مقال سّابق، إذا كنت تخطّط للعودة إلى بلادك بعد نيل الشهادة فلابدّ أن تتأكد أوّلا أنها معتمدة في أحد المجالين: سوق العمل أو الأروقة الأكاديمية أو كليهما.. لأن الأمر محبط للغاية إذا كنت ستنفق كل ذلك الوقت والجهد والمال، لتبقى عاجزا عن استغلال شهادتك حين تعود لبلدك الأم.
قد يكون من السّلبي جدًا معرفة أن الشهادة غير معتمدة، لكن التخطيط للاستقرار في نفس البلد أو البحث عن بدائل للمطابقة بين الشهادة أفضل بكثير من التفاجؤ بذلك بعد مرور الكثير من الوقت.
وأخيرًا، إذا كانت الحياة في هذا البلد الجديد قد راقتك بالفعل.. وإذا كنت تجاوزت كل هذه التحديات بنجاح بعد الكثير من السعي وبذل الجهد، فهذا خبر سارّ للغاية. قد تفكّر حينها في الاستقرار، لكن عليك أن تنتبه أن بعض الوثائق التي سمحت لك بالإقامة طوال فترة الدراسة ستصبح لاغية بمجرد الحصول على الشهادة. ستفقد الحقّ في الإقامة والنقل الجامعيين، وسينبغي عليك تجديد تأشيرة الطّالب وتحويلها إلى صيغة أخرى تتناسب مع وضعك الحاليّ.
كما عليك أن تضع في الحسبان أن بعض المنح لا تسمح للطلاب الدوليين بالاستقرار في البلد المضيف بعد انتهاء مدة المنحة وأنها تفرض عليهم العودة إلى بلدهم الأم.
كنصيحة عمليّة أخيرة، يمكنك الاستعانة بجدول بسيط، كهذا المثال بالأسفل، لتحديد مدى استعدادك لخوض تجرِبة الدراسة في الخارج أخذا بالاعتبار كلا من سلبيات الدراسة في الخارج وإيجابياتها:
الإيجابيات و تقييمها من 10 | السلبيات و تقييمها من 10 | |
التكاليف المرتفعة | ـــــ | 8/10 |
إتقان اللغة | 6/10 | ــــ |
اختبارات اللغة و الكفاءات | ــــ | 2/10 |
الاستعداد النفسي والاجتماعي | 8/10 | ـــــ |
تحمل المسؤولية | 9/10 | ـــــ |
اعتمادية الشهادات | 10/10 | ـــــ |
إمكانية الاستقرار بعد التخرج | 7/10 | ــــــ |
المجموع | 40 | 10 |
تمثّل صفوف الجدول المعايير التي سيتمّ من خلالها تقييم إيجابيات وسلبيات التجربة، ويتمّ ملء الجدول بإعطاء قيمة تقريبية لمدى “إيجابية” أو “سلبية” المعيار إذا ما تم القرار بالسفر والدراسة في الخارج. يفترض بمجموع النقاط أن يكون عاملا مساعدًا لتحديد القرار، دون أن يكون ملزما بذلك.. يمكنك تغيير المعايير بما يتناسب مع حالتك وشروطك، فالمثال فقط لتوضيح الفكرة.
هل يبدو الأمر أوضح الآن؟ هل أنت مستعدّ لمواجهة هذه التحدّيات والخروج منها بأفضل نتيجة؟