تعتبر ظاهرة الثقب الأسود Black hole من أغرب وأعقد الظواهر التي توجد في الفضاء الخارجي؛ ففي منطقة الثقب الأسود تكون الجاذبية كبيرة جدًا لدرجة أن هذا الثقب قادر على ابتلاع كواكب ونجوم بأكملها.
لدرجة أن بعض العلماء يعتقدون بوجود ثقوب سوداء عملاقة قادرة على ابتلاع مجرة بكل ما فيها.
حتى الضوء الذي هو أسرع شيء في الكون لا يستطيع الإفلات من جاذبية الثقب الأسود الكبيرة، بمعنى أن أي جسم كان في الفضاء مهما كان صغيرًا أو كبيرًا ودخل في نطاق جاذبية الثقب الأسود فإن هذا الثقب سوف يبتلعه إلى الأبد ولا يمكنه الإفلات منه أبدًا.
تنبأ أينشتاين عام 1916 في نظريته العامة للنسبية، بوجود ثقوب سوداء ذات جاذبية خارقة تبتلع كل شيء أمامها، بمرور الوقت ظهرت أدلة واضحة لعلماء الفيزياء الفلكية على وجود هذه الثقوب بالفعل، حيث تم نشر الصورة الأولى في التاريخ للثقب الأسود يوم أمس الأربعاء، تظهر دائرة برتقالية مشعة على الصورة، وسطها فتحة سوداء.
يقع الثقب الأسود الذي التقطت صورته في مجرة تسمى “إم 78” على بعد نحو 54 مليون سنة ضوئية عن الأرض، ويبلغ قطر الثقب 40 مليار كم، أي ثلاثة ملايين مرة ضعف محيط كوكب الأرض، وقد أطلق عليه العلماء لقب “الوحش”.
الثقب الأسود هو في الحقيقة ليس ثقبًا بالمعنى الحرفي للكلمة وليس منطقة فارغة في الفضاء، ولكن تم تسميته بهذا الاسم لأننا لا نستطيع رؤيته فكما ذكرنا سابقًا أن الضوء لا يستطيع الإفلات من جاذبيته.
لذلك فإننا لا نستطيع رؤية ما يجري للأجسام التي تدخل في الثقب الأسود لكننا نستطيع تخمين ما يحدث لجسم ما إذا دخل في الثقب الأسود فيزيائيًا ونظريًا فقط ولا توجد أي طريقة ملموسة لإثبات ذلك.
حتى الأن لا توجد إجابة واحدة مؤكدة حول كيفية تشكل الثقب الأسود وهناك العديد من النظريات المختلفة التي تحاول تفسير وجود هذه الثقوب.
لكن معظم العلماء يعتقدون أن الثقب الأسود يتشكل نتيجة انهيار نجم مستعر عملاق؛ فالنجم يبقى بشكل مستقر رغم جاذبيته القوية بفضل الانفجارات والطاقة الهائلة التي ينتجها.
ولكن عندما تنتهي هذه الطاقة ويبدأ النجم بالموت تعمل قوى الجاذبية الكبيرة على ضغط كتلته في حيز صغير جدًا مما يتسبب بقوة جاذبية هائلة؛ لذلك فإن جميع الثقوب السوداء تكون صغيرة الحجم وذات كتلة هائلة جدًا.
في عام 1700 ظهرت نظرية جديدة من قبل عالم الرياضيات الفرنسي لابلاس مفادها انه في حال وجود مجال لحقل جاذبية كبير جدًا فإن الضوء رغم سرعته الكبيرة لا يستطيع الإفلات من هذا الحقل مما يجعل رؤية هذا الحقل من المستحيلات.
بقيت هذه النظرية مجرد فرضبة بدون إثبات حتى عام 1915؛ حيث جاء ألبرت آينشتاين وأطلق نظرية النسبية العامة التي دعمت نظرية العالم لابلاس من خلال معادلات وقوانين رياضية.
وبحسب ما جاء في نظرية آينشتاين النسبية العامة فإن أي ضوء يسير بشكل مستقيم ويمر بجانب الثقب الأسود فإن مسار الضوء سوف ينحرف. أما إذا دخل الضوء إليه فإن الثقب الأسود سوف يمتصه إلى الأبد ولن يستطيع الإفلات أبدًا.
يتكون الثقب الأسود حسب تقسيم العلماء من منطقتين هما القلب وأفق الحدث.
هو المنطقة من الفضاء تكون الجاذبية فيها لا نهائية وحدودها هي المنطقة التي لا يمكن للضوء أن يفلت من جاذبية الثقب. وهذه المنطقة محيطة بقلب الثقب وإذا دخلها أي جسم أو ضوء فإنه لن يخرج منها للأبد.
فحسب نظرية آينشتاين النسبية هي نقطة في الفضاء تكون كثافتها لا نهائية وهذه الكتلة اللانهائية هي التي تسبب الجاذبية اللانهائية التي تؤدي لابتلاع كل ما حولها.
وأي جسم يدخل إلى أفق الحدث فإن مصيره يكون قد انتهى وسوف يتفتت بسبب قوة الجاذبية الهائلة.
لا يمكن تحديد حجم الثقوب السوداء ولكن العلماء والفيزيائيين أجروا حسابات نظرية وأكدوا أن كتلة أي ثقب أسود تكون هائلة جدًا أما حجمها فهو صغير وقد لا يتعدى عدة سنتيمترات.
وبعض الفيزيائيين يقولون إن حجمه قد لا يتعدى حجم ذرة واحدة. وهناك علماء آخرون يتحدثون عن ثقوب سوداء كبيرة الحجم وأخرى صغيرة جدًا.
هي ثقوب تكون كتلتها كبيرة جدًا وقد يعادل بعضها مليارات الأضعاف من كتلة الشمس. هذه الكتلة الهائلة تكون نتيجة نموها المستمر بسبب سحبها للمواد والأجسام المحيطة بها والتي تدخل في نطاق جاذبيتها.
وهي ثقوب تكون كتلتها أصغر من الثقوب العملاقة وأكبر من الثقوب النجمية. لكن لم يتم إثبات وجود مثل هذه الثقوب حتى الأن.
وهي الثقوب التي تنتج عن انهيار نجم عند انتهاء الوقود النووي له.
وهي ثقوب سوداء صغيرة جدًا في كتلتها ويعتقد بعض العلماء أنه من الممكن أن يوجد هذا النوع من الثقوب في نظامنا الشمسي.
هذا غير صحيح فشمسنا ليست ضخمة بما يكفي لتصبح ثقب أسود، لكن في غضون حوالي 6 مليارات سنة، ستتوسع الشمس لتصبح نجمة عملاقة حمراء حتى يبلغ قطرها مدار الأرض، وحينها ستبدأ الشمس بالموت، ليس عن طريق الانفجار بسبب كتلتها الغير كافية، بل عن طريق التقلص تحت تأثير الجاذبية وستستمر هذه المرحلة عدة مليارات من السنين.
تقول النظرية أنه في حال وجود ثقبين أسودين في مركزي مجرتين مندمجتين معًا فإن اصطدام هذان الثقبان هو أمر حتمي وينتج عن هذا الاصطدام اندماج الثقبين ليصبحا ثقبًا واحدًا أكبر حجمًا وكتلة وجاذبية.
وفي عام 2015 تمكن علماء من جامعة ميريلاند الأمريكية من التقاط وميض لضوء غريب تبين أنه ناتج عن اصطدام واندماج ثقبين أسودين.
وفي النهاية ما تبقى أمامنا هو مساحة ضخمة من الفضاء، بها الكثير من الجزيئات الأولية الصغيرة التي تطفو فيها، ولا شيء يصطدم ببعضه البعض، وليس هناك أية نجوم ، سيكون الجو باردا ومظلما للغاية.
وتوجد إثباتات نظرية لهذه الظاهرة، حيث يشير عدد من الباحثين إلى أن الكتل الضخمة المضغوطة في الثقب الأسود يمكن أن تصل إلى حد يبدأ وبعده التمدد ويليه الانفجار، فهكذا يتشكل عالم كعالمنا مثلا.
يقترح العلماء أنها نشأت في وقت واحد تقريبا مع مجرتنا قبل حوالي 13 مليار عام. ويتحرك درب التبانة يتحرك حول الثقب الأسود، مثل الكواكب حول الشمس، وكما أن نجمنا ليس قادرا على ابتلاع عطارد والزهرة والأرض والمريخ والكواكب الأخرى في النظام، فإن الثقب الأسود لا يمكنه جرنا إلى نفسه، وتبعد الأرض 27 ألف سنة ضوئية من الثقب. ومثل معظم أجسام في المجرة ، فهي بعيدة جدا عن لنشعر بجاذبيتها.
اقرأ أيضاً: