علم الكون والفضاء
آخر تحديث بتاريخ: 3 سنوات

الثقب الأسود

تعتبر ظاهرة الثقب الأسود Black hole من أغرب وأعقد الظواهر التي توجد في الفضاء الخارجي؛ ففي منطقة الثقب الأسود تكون الجاذبية كبيرة جدًا لدرجة أن هذا الثقب قادر على ابتلاع كواكب ونجوم بأكملها.

لدرجة أن بعض العلماء يعتقدون بوجود ثقوب سوداء عملاقة قادرة على ابتلاع مجرة بكل ما فيها.

حتى الضوء الذي هو أسرع شيء في الكون لا يستطيع الإفلات من جاذبية الثقب الأسود الكبيرة، بمعنى أن أي جسم كان في الفضاء مهما كان صغيرًا أو كبيرًا ودخل في نطاق جاذبية الثقب الأسود فإن هذا الثقب سوف يبتلعه إلى الأبد ولا يمكنه الإفلات منه أبدًا.

تنبأ أينشتاين عام 1916 في نظريته العامة للنسبية، بوجود ثقوب سوداء ذات جاذبية خارقة تبتلع كل شيء أمامها، بمرور الوقت ظهرت أدلة واضحة لعلماء الفيزياء الفلكية على وجود هذه الثقوب بالفعل، حيث تم نشر الصورة الأولى في التاريخ للثقب الأسود يوم أمس الأربعاء، تظهر دائرة برتقالية مشعة على الصورة، وسطها فتحة سوداء.

يقع الثقب الأسود الذي التقطت صورته في مجرة تسمى “إم 78” على بعد نحو 54 مليون سنة ضوئية عن الأرض، ويبلغ قطر الثقب 40 مليار كم، أي ثلاثة ملايين مرة ضعف محيط كوكب الأرض، وقد أطلق عليه العلماء لقب “الوحش”.

ما هو الثقب الأسود ؟

الثقب الأسود هو في الحقيقة ليس ثقبًا بالمعنى الحرفي للكلمة وليس منطقة فارغة في الفضاء، ولكن تم تسميته بهذا الاسم لأننا لا نستطيع رؤيته فكما ذكرنا سابقًا أن الضوء لا يستطيع الإفلات من جاذبيته.

لذلك فإننا لا نستطيع رؤية ما يجري للأجسام التي تدخل في الثقب الأسود لكننا نستطيع تخمين ما يحدث لجسم ما إذا دخل في الثقب الأسود فيزيائيًا ونظريًا فقط ولا توجد أي طريقة ملموسة لإثبات ذلك.

كيف يتشكل الثقب الأسود؟

حتى الأن لا توجد إجابة واحدة مؤكدة حول كيفية تشكل الثقب الأسود وهناك العديد من النظريات المختلفة التي تحاول تفسير وجود هذه الثقوب.

لكن معظم العلماء يعتقدون أن الثقب الأسود يتشكل نتيجة انهيار نجم مستعر عملاق؛ فالنجم يبقى بشكل مستقر رغم جاذبيته القوية بفضل الانفجارات والطاقة الهائلة التي ينتجها.

ولكن عندما تنتهي هذه الطاقة ويبدأ النجم بالموت تعمل قوى الجاذبية الكبيرة على ضغط كتلته في حيز صغير جدًا مما يتسبب بقوة جاذبية هائلة؛ لذلك فإن جميع الثقوب السوداء تكون صغيرة الحجم وذات كتلة هائلة جدًا.

تاريخ اكتشاف الثقوب السوداء

في عام 1700 ظهرت نظرية جديدة من قبل عالم الرياضيات الفرنسي لابلاس مفادها انه في حال وجود مجال لحقل جاذبية كبير جدًا فإن الضوء رغم سرعته الكبيرة لا يستطيع الإفلات من هذا الحقل مما يجعل رؤية هذا الحقل من المستحيلات.

بقيت هذه النظرية مجرد فرضبة بدون إثبات حتى عام 1915؛ حيث جاء ألبرت آينشتاين وأطلق نظرية النسبية العامة التي دعمت نظرية العالم لابلاس من خلال معادلات وقوانين رياضية.

وبحسب ما جاء في نظرية آينشتاين النسبية العامة فإن أي ضوء يسير بشكل مستقيم ويمر بجانب الثقب الأسود فإن مسار الضوء سوف ينحرف. أما إذا دخل الضوء إليه فإن الثقب الأسود سوف يمتصه إلى الأبد ولن يستطيع الإفلات أبدًا.

مما يتكون الثقب الأسود؟

يتكون الثقب الأسود حسب تقسيم العلماء من منطقتين هما القلب وأفق الحدث.

الثقب الأسود

أفق الحدث:

هو المنطقة من الفضاء تكون الجاذبية فيها لا نهائية وحدودها هي المنطقة التي لا يمكن للضوء أن يفلت من جاذبية الثقب. وهذه المنطقة محيطة بقلب الثقب وإذا دخلها أي جسم أو ضوء فإنه لن يخرج منها للأبد.

أما القلب:

فحسب نظرية آينشتاين النسبية هي نقطة في الفضاء تكون كثافتها لا نهائية وهذه الكتلة اللانهائية هي التي تسبب الجاذبية اللانهائية التي تؤدي لابتلاع كل ما حولها.

وأي جسم يدخل إلى أفق الحدث فإن مصيره يكون قد انتهى وسوف يتفتت بسبب قوة الجاذبية الهائلة.

أحجام الثقوب السوداء

لا يمكن تحديد حجم الثقوب السوداء ولكن العلماء والفيزيائيين أجروا حسابات نظرية وأكدوا أن كتلة أي ثقب أسود تكون هائلة جدًا أما حجمها فهو صغير وقد لا يتعدى عدة سنتيمترات.

وبعض الفيزيائيين يقولون إن حجمه قد لا يتعدى حجم ذرة واحدة. وهناك علماء آخرون يتحدثون عن ثقوب سوداء كبيرة الحجم وأخرى صغيرة جدًا.

درجة حرارة الثقوب السوداء

  • تكون الثقوب السوداء الكبيرة باردة جدًا بحيث يقدر الفيزيائيون درجة حرارتها بمليارات الدرجات تحد الصفر المطلق.
  • أما الثقوب السوداء الصغيرة جدًا فقد تصل درجة حرارتها إلى ملايين أو مليارات الدرجات.

أنواع الثقوب السوداء حسب الكتلة

الثقوب السوداء الكبيرة أو العملاقة

الثقب الأسود

هي ثقوب تكون كتلتها كبيرة جدًا وقد يعادل بعضها مليارات الأضعاف من كتلة الشمس. هذه الكتلة الهائلة تكون نتيجة نموها المستمر بسبب سحبها للمواد والأجسام المحيطة بها والتي تدخل في نطاق جاذبيتها.

الثقوب السوداء المتوسطة الكتلة

وهي ثقوب تكون كتلتها أصغر من الثقوب العملاقة وأكبر من الثقوب النجمية. لكن لم يتم إثبات وجود مثل هذه الثقوب حتى الأن.

الثقب الأسود

الثقوب السوداء النجمية

وهي الثقوب التي تنتج عن انهيار نجم عند انتهاء الوقود النووي له.

الثقب الأسود

الثقوب السوداء الصغيرة أو المجهرية

وهي ثقوب سوداء صغيرة جدًا في كتلتها ويعتقد بعض العلماء أنه من الممكن أن يوجد هذا النوع من الثقوب في نظامنا الشمسي.

الثقب الأسود

هل يمكن أن تتحول الشمس لثقب اسود؟

هذا غير صحيح فشمسنا ليست ضخمة بما يكفي لتصبح ثقب أسود، لكن في غضون حوالي 6 مليارات سنة، ستتوسع الشمس لتصبح نجمة عملاقة حمراء حتى يبلغ قطرها مدار الأرض، وحينها ستبدأ الشمس بالموت، ليس عن طريق الانفجار بسبب كتلتها الغير كافية، بل عن طريق التقلص تحت تأثير الجاذبية وستستمر هذه المرحلة عدة مليارات من السنين.

هل يمكن أن يتصادم ثقبان أسودان؟ وماذا يحصل عند ذلك؟

تقول النظرية أنه في حال وجود ثقبين أسودين في مركزي مجرتين مندمجتين معًا فإن اصطدام هذان الثقبان هو أمر حتمي وينتج عن هذا الاصطدام اندماج الثقبين ليصبحا ثقبًا واحدًا أكبر حجمًا وكتلة وجاذبية.

الثقب الأسود

وفي عام 2015 تمكن علماء من جامعة ميريلاند الأمريكية من التقاط وميض لضوء غريب تبين أنه ناتج عن اصطدام واندماج ثقبين أسودين.

بعض الأساطير والحقائق حول الثقوب السوداء

  • الثقب الأسود عبارة عن مكنسة كهربائية ضخمة تقوم بسحب كل شيء حولها : في الحقيقة لا تمتص الثقوب السوداء المواد القريبة منها، ففي حال تم تحويل الشمس بطريقة سحرية إلى ثقب أسود، فلن يتغير مدار الأرض. وتسقط المواد عموما في ثقب أسود عندما تصطدم بمادة أخرى تدور حول الثقب الأسود، فيغير التصادم مدار المادة، التي يقوم بالدوران الآن بالقرب من الثقب الأسود، ففي هذه الحالة تقوم الجاذبية الهائلة للثقب الأسود بامتصاص الأجسام في دوامة أحادية الاتجاه.
  • يمكنك رؤية الثقب الأسود : وتصبح المادة مرئية نتيجة انبعاث الضوء منها أو عكسها له، ونظرا لعدم قدرة الضوء من الهرب من الثقب الأسود فلا يمكننا رؤية الثقب نفسه، لكن يمكننا مراقبته بشكل غير مباشر عن طريق تأثيره على النجوم الموجودة من حوله.
  • الثقب الأسود هو ممر للسفر عبر الزمن : وتظهر أفلام الخيال العلمي، كيف يسافر الناس أحيانا عبر الثقوب الدودية، يعتقد العديد أن الثقوب السوداء عبارة عن ثقوب دودية وبالتالي هي ممرات زمنية، لكن لم يثبت وجود الثقوب الدودية حتى الآن.
  • الثقب الأسود قادر على التهام الكون : ويبعد أقرب ثقب عن مجرتنا “درب التبانة” 3000 سنة ضوئية تقريبا، فمن غير الراجح أن يلتهم الثقب الأسود الكون. والكون يمر بعدة مراحل متغيرة، وفي المرحلة الأخيرة ستتوقف النجوم عن التشكل، لكن الثقوب السوداء عمرها أطول لذلك ستستمر بالتهام الأجسام حتى تبلغ كتلتها أقصى حدها لتبدأ ثم في الاختفاء أيضا.

وفي النهاية ما تبقى أمامنا هو مساحة ضخمة من الفضاء، بها الكثير من الجزيئات الأولية الصغيرة التي تطفو فيها، ولا شيء يصطدم ببعضه البعض، وليس هناك أية  نجوم ، سيكون الجو باردا ومظلما للغاية.

  • الثقوب السوداء تصدر أصواتاً : وعند مرور المادة عبر الثقب الأسود يمكن سماع صوت غليان، وهذا صوت تحول طاقة الحركة إلى موجات صوتية، واكتشف العلماء الفلك في عام 2003، موجات صوتية أصدرها ثقب أسود هائل على مسافة 250 مليون سنة ضوئية في مرصد تشاندرا التابع لناسا.
  • الزمن يتوقف داخل الثقب الأسود : ووفقا لنظرية النسبية لآينشتاين، مع اقتراب الجسم من محيط الثقب يتباطأ الزمن، لأن قوة الجذب في الثقب الأسود كبيرة للغاية.
  • الثقوب السوداء يمكن أن تنشئ أكوانا جديدة

وتوجد إثباتات نظرية لهذه الظاهرة، حيث يشير عدد من الباحثين إلى أن الكتل الضخمة المضغوطة في الثقب الأسود يمكن أن تصل إلى حد يبدأ وبعده التمدد ويليه الانفجار، فهكذا يتشكل عالم كعالمنا مثلا.

  • في وسط مجرتنا يوجد ثقب أسود : يوجد ثقب أسود في وسط درب التبانة، وجميع أجسام المجرة تدور حوله، تزيد كتلته أربعة ملايين مرة كتلة الشمس، ويبلغ حجمه 25 مليون كيلومتر، مشابها بذلك  مدار كوكب عطارد ويساوي قطره قطر 18 شمسا تقريبا.

يقترح العلماء أنها نشأت في وقت واحد تقريبا مع مجرتنا قبل حوالي 13 مليار عام. ويتحرك درب التبانة يتحرك حول الثقب الأسود، مثل الكواكب حول الشمس، وكما أن نجمنا ليس قادرا على ابتلاع عطارد والزهرة والأرض والمريخ والكواكب الأخرى في النظام، فإن الثقب الأسود لا يمكنه جرنا إلى نفسه، وتبعد الأرض 27 ألف سنة ضوئية من الثقب. ومثل معظم أجسام في المجرة ، فهي بعيدة جدا عن لنشعر بجاذبيتها.

  • الثقب الأسود قادر على الاختفاء : تعد الثقوب السوداء، الأجسام الأكثر كثافة والأكثر ضخامة في الكون، ويمكن أن تعيش لمليارات السنين، لكنها ليست أبدية. فعند مرحلة معينة يتوقف أي ثقب أسود عن النمو ويبدأ في الانكماش، وفقدان الكتلة حتى يتبخر تماما.

اقرأ أيضاً: