شخصيات
آخر تحديث بتاريخ: 3 سنوات

شجرة الدر جارية حكمت مصر و قتلت بالقباقيب

أحاطَت كلُّ أسبابِ التفرُّدِ والعظَمةِ بشخصيةِ « شجرة الدر »، فهي أولُ وآخِرُ مَلكةٍ لمِصرَ بعد الفتحِ الإسلامي، وهي أولُ مملوكةٍ تجلسُ على عرشِ مِصر، وولايتُها لمِصرَ كانت مرحلةً فارقةً بين الدولةِ الأيوبيةِ والمملوكية، وفي عهدِها انكسرَت شَوكةُ الصليبيِّين وبدأ الزحفُ المَغوليُّ على العالمِ الإسلامي، وفي عهدِها أيضًا بدأ تسييرُ المحملِ إلى مكةَ المُكرمةِ حاملًا كسوةَ الكعبة.

من هي شجرة الدر

شجرة الدر Shajar al-Durr ، الملقبة بعصمة الدين أم خليل، خوارزمية الأصل، وقيل أنها أرمينية أو تركية. كانت جارية اشتراها السلطان الصالح نجم الدين أيوب، وحظيت عنده بمكانة عالية حتى أعتقها وتزوجها وأنجبت منه ابنها خليل الذي توفي في 2 من صفر 648 هـ (ماي 1250م).

تولت عرش مصر لمدة ثمانين يوماً بمبايعة من المماليك وأعيان الدولة بعد وفاة السلطان الصالح أيوب، ثم تنازلت عن العرش لزوجها المعز أيبك التركماني سنة 648 هـ (1250م). لعبت دوراً تاريخياً هاماً أثناء الحملة الصليبية السابعة على مصر وخلال معركة المنصورة.

شجرة الدر

لقد كانت تتقن الغناء وتميزت عن الكثيرات من النساء بأنها تجيد القراءة والكتابة في زمانها مما جعل الملك” نجم الدين أيوب ” يلقبها بشجرة الدر فقد استطاعت ان تسيطر على مشاعره بذكائها الحاد حين اشتراها وكان لها مكانة كبيرة في حياته الخاصة والعامة ونتيجة هذا الاعجاب اراد الملك أن تكون شريكة حياته والمالكة الوحيدة لمشاعره فكانت الشريكة الشرعية له.

لعبت دورا كبيرا في الخطط مع زوجها وكان لها الفضل الكبير في احباط الكثير من مخططات ليست لصالحه كما حدث معه حين ارسله والده الى حدود تركستان وهناك وردت إليه أنباء من القاهرة تقول بان أباه الملك الكامل قد عين أخاه الصغير أبا بكر(الملك العادل) ولياً للعهد بدلاً منه فغضب الأمير نجم الدين من تصرف الملك لأنه كان يعتبر أخاه طائشاً والدولة تتعرض لمخاطر من المغول والصليبيين.

ذكاء شجرة الدر

لقد ساهمت ولعبت دوراً كبيراً في تهدئة الحالة النفسية لزوجها خاصة حين تم أسرهما في طريق العودة وكانت قد أنجبت منه ولدا اسمياه (خليل).

لقد قامت بمساعدة زوجها بوضع خطة لمحاربة الصليبيين لتبلغ غايتها حيث قاسمت زوجها المجد والسلطة فقد كانت قادرة على توجيه الجيوش للحرب عندما تعرضت مصر لحملة من الصليبيين.
وفي تلك الأثناء كان الملك الصالح مريضا ونزولاً عند رغبة شجرة الدر أوكل الملك الأمور للأمير فخر الدين وأثبتت أنها قادرة على قهر الصعاب.

وحين وصول الجيوش إلى مصر عام 1249 وكان الملك قد توفي قامت شجرة الدر بإخفاء خبر الوفاة بكل حنكة وذكاء لما يترتب عن نشر الخبر من فوضى قد تؤدي الى الهزيمة خاصة ما ينعكس عن هذا الخبر من بلبلة في صفوف الجيش وكي لا يفكر أمراء بني أيوب والمماليك الى الطمع بالعرش في هذه الظروف.

واستمر الوضع على حاله دون أن يعلم أحد بدقة وذكاء إمرأة نادرة ولما أوشك خبر وفاة زوجها أن ينتشر ظهرت حكمتها و ذكاؤها، حيث أخفت نبأ وفاة الملك، لعدة أسباب أهمها الخوف من حدوث البلبلة في الدولة، وبخاصة صفوف الجيش، وحتى تتغلب على العدو، وكذلك حتى لا ينصرف اهتمام أمراء بني أيوب والمماليك إلى تولي العرش، وساعدها على ذلك الأمير فخر الدين واستمر الحال في القصر الملكي، كالسابق.

ولكن عندما لاحظت شجرة الدر أن خبر وفاة زوجها أوشك أن ينكشف وكان العدو على وشك الانهزام فقامت باستدعاء ابن زوجها تورانشاه وأمرت رجال الدولة والجيش أن يوالوه، وبنفس الوقت قامت بوضع خطة حربية مع القوات وأمراء المماليك وكانت تعاون الأهالي مع الجنود في صد هجمات الأعداء والرد عليهم حتى انتصر المسلمون عام 1250.
أما حكم تورانشاه لم يدم كثيراً فقط حوالي شهرين بسبب فساده وطغيانه وتهديده زوجة أبيه شجرة الدر الا أنه لقي مصرعه على يد بيبرس.

شجرة الدر

ليوافق الكل في مصر على تولي شجرة الدر العرش بعد مصرعه وهنا بدأت شجرة الدر حكمها حيث أظهرت قدرة فائقة أحبها الجميع لتفهمها أوضاع الشعب وكانت تستشير من حولها ولا تنفرد بقرار
وشهد عصرها مرحلة نبوغ ادباء وشعراء في مصر وفي عهدها تم تسيير (المحمل) كل عام من مصر إلى الحجاز في موسم الحج.

نهاية شجرة الدر

تنافست الألقاب على شجرة الدر خلال فترة حكمها مثل (الملكة عصمة الدين والملكة أم خليل ;الملكة شجرة الدر أم خليل المستعصمية) نسبة إلى الخليفة المستعصم و كان ذلك خوفاً من أن لا يعترف بها الخليفة العباسي الجالس على عرش العباسيين في بغداد آنذاك.

وكان الخطباء يدعون لها على المنابر ونقش أسمها على الدراهم والدنانير وهنا كان للعباسيين موقفهم في أن تحكم أمرأة عرش مصر مما أدى إلى نشوب الكثير من الخلافات بين الأمراء والزعماء في مصر والشام فتزوجت شجرة الدر بالأمير عز الدين أيبك لتأمن العباسيين لها واشترطت عليه أن يطلق زوجته ويتخلى عن ولده حتى لا ينتقل العرش إلى أبنه.

وحين أصبحت كل الأمور بيد زوجها الجديد) الملك المعز( علمت شجرة الدر أن زوجها هذا يريد الزواج من ثانية يقال انها ابنة صاحب الموصل / الملك بدر الدين لؤلؤ/ فساءت العلاقة بين الزوجين وتحطمت نفسية المرأة القوية نتيجة الغيرة والكبرياء وما رافق حياتها من مجد فكادت تفقد عقلها رغم اسلامها وايمانها بأن الزواج حق شرعي في تعدديته.

ألم يطلق الملك من أجلها زوجته السابقة ؟
ورغم ذلك حين تأكد لها خبر انزالها الى دار الوزارة في القاهرة للتخلص منها كانت ردة فعلها فوق ما يتصور المرء فقررت التخلص منه لتنهي مسيرتها المشرفة بجريمة قتل شنعاء وتطوي كل صفحات الماضي المضيئة في حياتها بغيرة عمياء وكبرياء نادرين وببرودة اعصاب دعته واستقبلته بكل مودة مُبطنة تحمل في خفاياها الغدر له واستدرجته حتى شعر بالطمأنينة ودخل الحمام وهنا كانت الوليمة التي تنتظر الملك حيث أقدم بعض من غلمانها عليه وانهالوا عليه ضربا حتى فارق الحياة.

شجرة الدر

هنا حاولت شجرة الدر أن تستعين بالمماليك وتجلس أحدهم على كرسي العرش لكي تحتمي به الا أنّ الأمراء الموالين لزوجها القتيل أحبطوا محاولاتها فتم القبض عليها من قبلهم ووضعوها في سجن منفرد ذاقت فيه اقسى أنواع العذاب والذل الى أن تدخلت ضرتها) أم علي( وهي زوجة الملك المعز الأولى وحرضت ابنها )علي (على قتلها انتقاماً لأبيه، ويقال في مصادر مختلفة أنّ قتلها تم على يد الجواري بالقباقيب الى أن فارقت الحياة.

وهكذا تنتهي حياة من عاشت مجداً نادراً بنهاية مُحزنة رسمتها غيرتها القاتلة والكبرياء الذي رافقها طيلة حياتها فعاشت مُكرمة وماتت ذليلة نتيجة حماقة واحدة ارتكبتها في قتل زوجها رغم ما تميزت به في حياتها من وعي وحكمة وقيادة.

لقد دخلت شجرة الدر التاريخ من أبوابه الواسعة بما قدمته من خدمات للمسلمين في مصر.
وسقطت أخيرا كورقة صفراء في خريف عمرها تحت أقدام الجواري بسبب الغيرة القاتلة عندها وكبرياء النفس كما هي عند معظم النساء.

شجر الدر في التراث المصري

شجر الدر في التراث المصري اسمها شجرة الدر وهي شخصية من شخصيات سيرة الظاهر بيبرس. هذه السيرة الشعبية التي كان يحكيها الحكاواتية في المقاهي في مصر حتى بدايات القرن العشرين، تبين مدى حب المصريين للسلطان الظاهر بيبرس وشجر الدر.

وتقول السيرة التي معظمها خيال أن فاطمة شجر الدر كانت ابنة خليفة اسمه المقتدر، كان يحكم في بغداد حتى هجم المغول على مملكته ودمروها، وسبب اسمها شجر الدر هو أن أباها كان يحبها جداً فأهداها فستانا من اللؤلؤ (الدر) فلما لبسته أصبحت وكأنها شجرة در ولما طلبت منه أن يجعلها ملكة مصر أعطاها تقليدا بحكم مصر.

فلما ذهبت إلى مصر وجدت أن الصالح أيوب يحكمها فتزوجها حتى يبقى في الحكم معها. ولما وصل بيبرس مصر ودخل القلعة أحبته مثل ابنها. أبيك التركماني في القصة ظهر كشخصية شريرة من الموصل، أتى إلى مصر حتى ينزع الحكم من شجر الدر وزوجها الصالح. بعد أن توفي الصالح تزوجت أيبك.

لكن الصالح أيوب أتاها في المنام وأمرها بأن تقتله، فلما استيقظت احضرت السيف وقتلته. ولما دخل ابنه الغرفة ووجدها قد قتلته خافت وركضت فركض وراءها حتى وقعت من القلعة وماتت.

اقرأ أيضاً :